الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة محمد الجبالي: هناك لوبي إعلامي وفني شوّهني.. ونوفــل الورتاني تجـاوز حـدوده

نشر في  30 أفريل 2014  (12:26)

 نعم أسأت الى مسرحيتي بهذا الخطأ

الحسد والغيرة دفعا البعض الى مهاجمتي

بعد النقد اللاذع الذي واجهته مسرحية «بلدي التاني» لمحمد الجبالي إخراج جلال الدين السعدي من قبل بعض وسائل الاعلام والتهكم  الذي رافق العروض الفارطة، الثابت ان الرغبة في مشاهدة هذه المسرحية قد قلّت لدى البعض، وبتحولنا الاسبوع الفارط الى المسرح البلدي بالعاصمة للوقوف على صحّة ما روجه البعض حول هذا «الوان مان شو» كانت صدمتنا مضاعفة و ذلك لأن المسرحية استوفت كل مقومات العمل المسرحي، فعندما نتحدث عن «الوان مان شو» نقول الغناء والرقص والحضور الركحي وتماسك النص والقدرة على أداء أكثر من شخصية والضحك وهذا فعلا ما توفر في «بلدي التاني» وهو ما يدفعنا الى التساؤل حول سرّ من يقف وراء الهجمة الشرسة التي تعرض اليها الجبالي.
محمد الجبالي كشف المستور وعرّى الواقع الفني في تونس وصدع بالحقائق ـ التي قد لا تكون مخفية ـ في كوميديا سوداء حيث تحدث بأسلوب هزلي ولا يخلو من نقد عن وضعية الفنان التونسي وما يعانيه هذا الأخير من تجاهل واهمال من قبل وسائل الاعلام السمعية والمرئية كما ينتقد الجبالي إلتجاء شركات الانتاج الى اقصاء الموهبة التونسية
وكانت المسرحية فرصة لاكتشاف موهبة أخرى لدى الجبالي وهي تقليد الاصوات حيث قلّد محمد الجبالي عديد الفنانين واللهجات وانتقد تلون صوته مع كل لهجة ومع كل طبقة صوتية لكل المذكورين، اضافة الى سلاسة الانتقال من شخصية الى أخرى.
اثر انتهاء العرض كان لنا مع الجبالي حوار مطول، تحدث فيه بجرأة لم نعهدها فيه وعكس الهجوم على كلّ من انتقد عمله... حوار لم يخل من حديث عن الفن والسياسة ندعوكم لاكتشافه..

 

رغم الانتقادات وحملات التشويه التي لحقت مسرحية «بلدي التاني» مازال محمد الجبالي متمسّكا بهذه التجربة، صدقا ألم تحطّ كلّ تلك الانتقادات من عزيمتك؟
ـ صراحة، ما جعلني استمرّ في تقديم هذه المسرحية هو ايماني بهذا المشروع، كما انّي صادق في عملي وذلك لسبب بسيط وهو انّ مسرحية «بلدي التاني» هي عصارة 26 سنة من التجربة في المجال الفنّي، فأنا في هذه المسرحية اسلط الضوء واكشف المستور واصدع بحقيقة الواقع الفنّي كما أراه ودون تزييف.. من جهة أخرى أفيدكم اني تعرضت الى عديد المضايقات طيلة مسيرتي الفنية لكن والحمد لله أنا لا أؤمن سوى بالعمل لذلك من الصعب التأثير عليّ والحطّ من عزيمتي.. وفي هذه المسرحية صحيح أنّي تساءلت عن سرّ الهجوم الشرس الذي طالني لكني وصلت الى نتيجة في نهاية المطاف وهي ان الحسد والغيرة هما اللذان دفعا بالبعض إلى مهاجمتي دون وجود اي مبرّر لذلك، وهنا اشير الى انّ البعض ممن يدافعون طول الوقت عن حرّية التعبير لم يعجبهم نقدي لهم وهنا أستشهد بالمثل الشعبي الشهير «المجراب تهمزو مرافقو».. عموما كل ما قيل وتمّ ترويجه خدمني وخدم العمل حيث دفعني الى مزيد العمل وتحسين المسرحية من عرض الى آخر وأقول للنبارة «سامحوني كان نجحت وما بردتش على قلوبكم» واقول للحاقدين شكرا فحقدكم نفعني...
لاحظنا انك غيّرت أفيش المسرحية من «وان مان شو» الى مسرحية غنائية فما الذي دفعك الى فعل ذلك؟
ـ أولا لأنّ البعض عبّر عن استغرابه من تحوّل محمد الجبالي من الغناء الى التمثيل وأنا أردت ان أخبر هؤلاء انّ مسرحيتي فيها قرابة 40 دقيقة غناء كما اني وددت توجيه رسالة إلى من استاؤوا من اقتحامي عالم «الوان مان شو» حيث أردت طمأنتهم بأنّ ما أقوم به هو مسرح غنائي وليس «وان مان شو».
ألا ترى انّك أسأت الى المسرحية اكثر مما أساء اليها النقاد، حيث أخرجت الأغاني من سياقها وقدّمتها منفردة في برامج إذاعيّة وتلفزيونيّة؟
ـ أوافقك الرأي الى حدّ كبير، وهو ما دفعني اليوم الى اتخاذ قرار بعدم تقديم أي أغنية من العمل في البرامج الإذاعيّة والتلفزية، ولا تنسوا أنها التجربة الأولى في رصيدي والخطأ وارد..  عموما اعتقد ان مسرحيّتي هي اكثر عمل واجه النقد وحملات التشويه وذلك لسبب بسيط وهو انّ عقلية بعض التونسيين ترفض ان يقوم الفنان بأكثر من تجربة فنّية في حين يقبلونها من الفنان الأجنبي.. وأختم بالتأكيد انه وبغضّ النظر عما قدمته اثناء حضوري في وسائل الإعلام فانّ عمليات الصنصرة التي تعرضت اليها كانت بشكل كبير وكأن البعض أراد القول ان مشروعي لا يجب ان ينجح وأزعجهم حديثي عن المشارقة لأسباب أجهلها..
في هذا العمل انزعج منك الرابورات والإعلاميون والمسرحيون والفنانون، وكأننا بك فتحت النار على الجميع؟
ـ لا يجب التعميم، فكما أزعجت مسرحيتي البعض لأنهم شعروا انّهم المعنيون بنقدي، هناك فئة عبرت عن اعجابها بجرأتي وأنصفوني سواء في وسائل الإعلام أو في الوسط الفني وأعتقد انّ من انزعجوا هم  الذين لم يرق لهم نجاحي أو الذين رأوا أنّني مغامر أكثر منهم.. انا فنان ومن حقي خوض عديد التجارب والمغامرات وعلى المنزعجين ان ينافسوني بالعمل لا بالتنبير، ويكفيني فخرا انّه لم يغادر أي من جمهوري القاعة قبل نهاية المسرحية واليوم سأسعى الى مزيد العمل ودحض ما تمّ ترويجه عن العمل سابقا واقول لكلّ من لم يشاهد المسرحية، شاهد العمل ثم مرحبا بنقدك لكن لا تعتمد سياسة الأحكام المسبقة.
ألا تخشى من فقدان جمهورك الفنّي الذي تعوّد عليك في نمط معيّن وان تؤثر هذه التجربة على علاقتك به؟
ـ اطلاقا فالمقارنة لا تجوز، ثم انا لم ابتعد عن ميدان الغناء، ومن المنتظر ان يصدر لي البوم غنائي في الأيام القليلة القادمة..المهمّ بالنسبة لي هو الخلق والعمل مهما كانت نوعية التجربة.. وهذه نقطة قوّتي التي «قهرت» بها العديدين، وهنا أشير الى أنّني المطرب التونسي الوحيد الذي خاض تجربة المسرح الغنائي باستثناء مقداد السهيلي الذي قدّم مسرحية «32 جويلية».. كما انني المطرب الوحيد الذي نال جوائز عن الأعمال المتكاملة من غناء وتلحين وكتابة، اضافة الى مشاركتي في 4 مسلسلات تلفزية وفيلم طويل «دار الناس» وفيلم قصير «عام سعيد» ومسلسل إذاعي« أحلى الأيام» وجسدت دور «محمد عبد الوهاب» في دار الأوبيرا في القاهرة وكل هذه النجاحات من شأنها ان تحبط البعض وتزعجهم.
صرّحت بوجود لوبي اعلامي وفني يسعى الى تحطيمك وتحطيم عملك، فمن قصدت؟
ـ كثيرون.. وأخصّ بالذكر بعض شركات الانتاج الخاصّة والمهتمّة بـ«الوان مان شو» والتي يزعجها نجاح عمل محمد الجبالي، لذلك تراها تسعى بشتى السبل الى عرقلتي.. وعموما افيدكم اني انزعجت في البداية من تمزيق الأفيشات او الصاق أفيشات أخرى فوقها لكن في النهاية اقتنعت انّي بدأت أزعجهم وهو دليل على نجاحي.
صراحة، هل خسرت اصدقاء من الوسط الفنّي بسبب هذه التجربة؟
ـ هذا صحيح حيث لاحظت انّ البعض ممن كنت اعتقد انهم اصدقائي اختفوا فجأة من حياتي، في البداية صدمت لكني تقبلت الأمر في نهاية المطاف لأنّي كسبت اصدقاء أكثر صدقا..
شعرنا بعد مشاهدة العمل ان هناك ألما أو بالأحرى «وجيعة» دفعت بك الى خوض هذه التجربة، فهل توافقنا الرأي؟
ـ هي الغيرة على الميدان الفنّي، صدقا عند سفري الى لبنان أو مصر ألمس مدى حبّهم لبعضهم البعض، وبمجرّد عودتي إلى أرض الوطن اشعر بحزن شديد على وضعية الفنان التونسي ووضع الأغنية التونسية التي بدأت تندثر شيئا فشيئا، في المقابل نجد كل طرف يحمّل المسؤولية للآخر فالفنان يحمّل المسؤولية لوسائل الإعلام وهذه الأخيرة تتعلّل بالجمهور الذي لا يحبّ الأغنية التونسية، كلّ هذا الكلام الذي يحدث في الكواليس نقلته على خشبة المسرح والى الجمهور دون أي صنصرة بمعنى انّي وضعت اصبعي على مكمن  الداء..
خلال العرض الأخير لمسرحية «بلدي التاني» بالمسرح البلدي شعرنا انّك بصدد تصفية حسابات شخصية من خلال تهكّمك على الإعلامي نوفل الورتاني فما الذي دفعت الى فعل ذلك؟
ـ أنا انسان أؤمن كثيرا بالاحترام كقيمة، وبان خلق ضجّة إعلامية لا يجب ان يكون من فراغ.. من جهة اخرى انا لست وليد هذه المرحلة بل في رصيدي 26 سنة من العمل وتعبت كثيرا من أجل فرض نفسي، وبالتالي أرفض ان يقع التهجّم عليّ لمجرّد انّي لا أروق لهذا الشخص الذي يستغلّ المنابر الإذاعية والتلفزية لشتمي والتقليل من قيمتي وتحطيمي من خلال بث الإشاعات والأكاذيب والتهكّم عليّ، ونظرا إلى انّ هذا الشخص تجاوز حدوده فما كان منّي سوى إجابته على خشبة المسرح.
أصدرت مؤخرا أغنية سينغل «عاشوا اللي يحبونا» لكنها لم تلاق الرواج الكافي، ألا ترى انّك ظلمت جديدك الفني من خلال عملك المسرحي؟
ـ هذا غير صحيح، فأنا ومنذ سنة 2010 اكتفيت بإصدار أغاني سينغل ومن المنتظر ان أجمعهم قريبا في ألبوم غنائي.. من جهة أخرى أفيدكم انّ هذه الأغنية احتلت في المحطات الإذاعية العربية المرئية المرتبة الثانية اضافة الى احتلالها المرتية الثانية في برنامج الإعلامية بيّة الزردي على الإذاعة الوطنية، لكن وللأسف ورغم اني أرسلت الأغنية  الى الإذاعات الخاصّة لكن لم يتمّ برمجتها وهذه هي العقلية التي أنتقدها في مسرحيتي عقلية الاقصاء  للمنتوج التونسي رغم جودة الأغنية مع العلم انه لو يتمّ تمرير الأغنية التونسية اكثر من مرّة مثلما هو حال الأغاني الشرقية فستجد رواجا واقبالا من قبل الجمهور.
لكن ألا ترى أنّ الفنان التونسي يتحمّل المسؤولية هو الآخر حيث لا يتوانى في ترديد الأغاني الشرقية كلما اتيحت له الفرصة؟
ـ هذا صحيح وهؤلاء هم المنافقون الذين اتحدث عنهم في المسرحية، كما انّ هذه الفئة تستحقّ تجاهلها واقصائها لأنهم أغبياء وبخلاء وبتصرّفاتهم هذه هم يسيؤون الى الفنّ التونسي.
شخصية «الذبابة» التي لاقت انتقادات كبيرة خاصة من خلال ادائها لأغنية «أنا نفسي أبصّ« هي في الأصل شخصية فايسبوكية وظّفتها انت في المسرحية، ألا ترى انّ الابداع خانك في هذه النقطة؟
ـ لقد تعرّفت على هذه الشخصية خلال زيارتي الى مصر حيث لاقت هناك رواجا كبيرا مع العلم انّ من أدّى هذه الأغنية هو فعلا نادل بأحد المقاهي، وبعودتي الى تونس ظلت تلك الشخصية بمخيّلتي خاصة ان بعض المشارقة يتحوّلون الى نجوم في تونس بأغان هابطة وبمستوى متدنّ فما كان مني سوى ان استثمرت تلك الشخصية في المسرحية لإيصال هذه الرسالة وهي ان امثال الذبابة عشرات وهم الذين يضحكون على ذقون الشعب التونسي بتفاهات.
تعتبر مسرحيّتك تقريبا العمل الوحيد الخالي من السياسة، فهل كان ذلك متعمّدا؟
ـ  أكيد، وذلك لإيماني انّ هناك من هو أجدر مني بالحديث عن السياسة، ثم لا يمكن ان تكون كل الأعمال الفنية سياسية فأنا بالأساس مطرب أردت نقل اشكال أنا احد المتضرّرين منه لا غير.
ختاما، ماذا عن جديدك الفنّي؟
ـ أصدرت مؤخّرا ألبومين عبارة عن Best off وألبوم آخر فيه بعض الأغاني الطربية لأمّ كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم، كما انتظر اصدار البوم جديد يضمّ 15 أغنية، وللأمانة لقد دعمت وزارة الثقافة بعضا من أغاني هذا الألبوم..
من جهة أخرى تعاملت مؤخرا مع بعض الفنانين حيث لحنت اغان لكل من المنشد فوزي بن قمرة وأماني السويسي ولطيفة العرفاوي وعماد عزيز ودرة الفورتي، اما بخصوص المهرجانات فقد قدمت ملفين اولهما فني والآخر خاص بمسرحية «بلدي التاني» اضافة الى ملف خاص بمهرجان قرطاج.

حاورته: سناء الماجري